لامبارد بين البقاء والرحيل؟؟؟

يعتقد أنصار نادي تشلسي الانجليزي لكرة القدم أن الفريق لن يتأثر كثيرا بعد رحيل المدرب "الداهية" خوسيه مورينيو، وأن الفريق سيمضي قدما تحت قياداته "الصهيونية" الجديدة.

حتى الآن لا يبدو ذلك واردا، فالصحف الانجليزية تتحدث عن امكانية رحيل العديد من نجوم تشلسي مثل ديدييه دروغبا وكلود ماكيليلي وريكاردو كارفاليو وباولو فيريرا، ويدور الحديث الآن عن امكانية رحيل نجم خط الوسط فرانك لامبارد في خطوة قد تحدد مسار "الزرق" لمواسم مقبلة.

لامبارد يعتبر رمانة الميزان في تشلسي، فهو اللاعب الأكثر شعبية في الفريق، وغيابه يشكل طامة كبرى بالنسبة للمشجعين الذين اعتادوا على رؤيته متألقا في معظم المباريات، والبعض لا يستطيع تخيل تشلسي من غير لامبارد.. أو لامبارد من غير تشلسي، إلا أن رحيل مورينيو قد يكون حاسما في قرار اللاعب الانجليزي الذي تحدث الإعلام مرارا عن العروض التي تلقاها من برشلونة الاسباني خلال الموسمين الماضيين.

ولد فرانك لامبارد في مدينة رافورد الانجليزية عام 1978، وترعرع مثل والده فرانك الكبير بين جدران نادي وست هام يونايتد حيث انضم بصفة رسمية للنادي في الاول من تموز/يوليو عام 1994 ووقع عقده الاحترافي الاول مع الفريق في العام التالي, وبعد حوالي ثلاثة اشهر قضاها مع فريق سوانسي سيتي على سبيل الاعارة سجل خلالها هدفا واحدا في سبع مباريات لعبها في دوري الدرجة الثانية، عاد لامبارد الى صفوف الفريق الملقب بـ"الشواكيش" ولعب مباراته الرسمية الاولى في "البريمير ليغ" امام كوفنتري في الحادي والثلاثين من كانون الثاني/يناير عام 1996 تحت اشراف زوج عمته المدرب هاري ريدناب علما بان لامبارد الاب كان مساعدا له.

واثبت الابن ان موهبته تبشر بمستقبل مشرق في الموسم التالي لكنه تعرض لكسر في قدمه امام استون فيلا ابعده عن الملاعب لفترة من الوقت، وسجل النجم الانجليزي هدفه الاول في الدوري امام بارنسلي في موسم 1997/1998، ثم احرز ثلاثية "هاتريك" في مرمى والسول ضمن مسابقة كأس رابطة الاندية الانجليزية المحترفة، لتزداد بعد ذلك ثقة هذا اللاعب الشاب بنفسه، وكان احد نجوم الفريق الى جانب صديقه وزميله حاليا في المنتخب الانجليزي ريو فيرديناند وجو كول زميله هذه الايام في تشلسي ومايكل كاريك نجم مانشستر يونايتد حاليا، واحرز مع الفريق كأس الانترتوتو المؤهلة لمسابقة كأس الاتحاد الاوروبي في عام 1999، فلفت انظار الاندية الانجليزية الكبيرة التي سعت جاهدة للحصول على خدماته، وانتقل الى تشلسي عام 2001 مقابل 16 مليون يورو علما بانه تلقى عرضين اخرين للعب مع ليدز يونايتد واستون فيلا، وكان لامبارد قد لعب 163 مباراة للفريق صاحب اللونين السماوي والعنابي في مختلف المسابقات سجل خلالها 35 هدفا.

ويتذكر فرانك الصغير انه كان يتعرض للانتقادات دائما في أول أيامه مع وست هام، والبعض كان يتفوه ببعض العبارات الجارحة بحقه، ويقول حول ذلك: أتذكر عندما كنت اركض على أطراف الملعب, كان الجمهور يصيح قائلا "اذهب واجلس مع عمك وأبيك لأنك غير مؤهل للنزول الى الملعب".

كان موسمه الاول مع تشلسي جيدا للغاية حيث غاب عن مباراة واحدة فقط مسجلا خمسة أهداف ومشكل ثنائيا متفاهما في منتصف الميدان مع الفرنسي ايمانويل بوتي, واصبح لامبارد عنصرا مهما في مشوار الفريق خلال الموسم الثاني، فسجل 6 أهداف وساهم في احراز المركز الرابع ليتأهل الفريق اللندني الى مسابقة دوري ابطال اوروبا.
وفي موسم 2003/2004 أصبح لامبارد الرجل الاول في تشلسي وساهم في بلوغ الفريق للدور قبل النهائي من المسابقة الاوروبية مسجلا أربعة أهداف، كما أحرز معه وصافة الدوري الانجليزي خلف جاره ارسنال حيث سجل عشرة اهداف في المسابقة المحلية.

اما موسم 2004/2005 فقد كان الأجمل في مسيرته حتى هذه اللحظة، فقد ساعد في احراز تشلسي لقب الدوري الانجليزي للمرة الاولى منذ خمسين عاما تحت قيادة المدرب البرتغالي خوسيه مورينيو الذي عين لامبارد نائبا لقائد الفريق جون تيري، وكان النجم الانجليزي قد احرز 19 هدفا في مختلف المسابقات.. 4 منها في دوري أبطال اوروبا حيث وصل الفريق مرة أخرى للدور قبل النهائي قبل أن يسقط هذه المرة أمام ليفربول، وقد سجل هدفا رائعا في الدور ربع النهائي بمرمى أوليفر كان حامي عرين بايرن ميونيخ عندما استقبل الكرة على صدره ودار حول نفسه قبل أن يسددها قوية داخل الشباك، وعن ذلك الهدف قال زميل لامبارد في المنتخب الانجليزي مايكل اوين: "انه أجمل هدف رأيته منذ فترة طويلة".

وقاد لامبارد فريقه لاحراز كأس رابطة الاندية الانجليزية المحترفة بعد فوزه على ليفربول في المباراة النهائية، واختير أفضل لاعب في الدوري برأي الكتاب والصحافيين، وحقق لامبارد انجازا فريدا من نوعه مع تشلسي الموسم المنصرم عندما شارك في المباراة رقم 160 على التوالي في الدوري الانجليزي وذلك أمام بورتسموث في السادس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2005، وساهم في احراز لقب الدوري الانجليزي للموسم الثاني على التوالي بفضل أهدافه الحاسمة وقيادته الحكيمة لوسط الميدان، كما افتتح الموسم بقيادته تشلسي لاحراز درع المجتمع الانجليزي.

بدأ لامبارد مسيرته مع المنتخب الانجليزي الاول عام 1999 أمام بلجيكا، لكنه انتظر أربعة أعوام حتى يأخذ فرصته الكاملة معه، وشارك في بعض المباريات الودية عامي 2001 و2002 دون أن يحجز له مكانا في التشكيلة المشاركة بنهائيات كأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان، وأثناء تألقه في صفوف وست هام اختاره المدرب بيتر تايلور لتشكيل منتخب الشباب، فلعب مباراته الاولى معه أمام اليونان عام 1997 ليصبح قائد الفريق بعد ذلك، ومثله في 19 مناسبة محرزا له سبعة اهداف.

وسجل فرانك الصغير هدفه الدولي الأول أمام كرواتيا وديا في آب/اغسطس 2003، ومنذ ذلك الحين وهو يشارك بانتظام كلاعب أساسي بدلا من لاعب مانشستر يونايتد السابق نيكي بات في الفريق الذي يشرف عليه الانجليزي ستيف ماكلارين، ساهم في تأهل بلاده الى كأس الامم الاوروبية 2004، وفي نهائيات البطولة سجل ثلاثة اهداف جعلته نجما شعبيا في انجلترا، ولم يتوقف الامر عند ذلك.. بل ساعدت أهدافه الخمسة في بلوغ بلاده نهائيات مونديال ألمانيا 2006 ليصبح هداف الفريق في التصفيات متفوقا على مهاجمين كبار مثل روني وأوين وجيرمين ديفو، لكنه خيب الآمال في نهائيات المونديال وكان بإجماع نقاد الكرة في بلاده واحد نم أسوأ لاعبي الفريق لاذي خرج من الدور ربع النهائي بركلات الترجيح أمام البرتغال.

ومن يريد الحصول على خدمات لامبارد عليه أن ينفق الكثير من الأموال، فهو يحصل حاليا على سادس أعلى راتب سنوي بين لاعبي كرة القدم في العالم "9.4 مليون يورو سنويا"، وعندما تناقلت وكالات الانباء خبر اهتمام ريال مدريد بقدرات لامبارد قال مدربه مورينيو بلهجة ساخرة: "لا يملك ريال مدريد مالا كافيا لشرائه"!

ويتميز لامبارد بأنه تدرب في أغلب مشواره الاحترافي تحت إشراف مدربين أجانب وهي ميزة قلما يتمتع بها اللاعبون الانجليز، فقد بدأ مسيرته مع تشلسي بقيادة المدرب الايطالي كلاوديو رانييري الذي حل مكانه فيما بعد البرتغالي خوسيه مورينيو، أما في المنتخب الانجليزي فقد أصبح له قيمة كبيرة في الفريق بعدما كسب ثقة المدرب السويدي زفن غوران اريكسون الذي ترك الفريق بعد انتهاء المونديال الألماني، وقال النجم الانجليزي عن اريكسون: سأكون ممتنا له، لقد منحني ثقته لمساعدة المنتخب الانجليزي، لم يكن لي اي دور مهم قبل قدومه على عكس الآن، سأظل أتذكره وسيكون أمرا رائعا أن نفوز معه بكأس العالم.

ودائما ما يسجل لامبارد الأهداف الحاسمة مع منتخب بلاده لكنه يعاني من مشكلة وحيدة وهي عدم وجود لاعب في الفريق يتمتع بنفس ميزات الفرنسي كلود ماكيليلي زميله في تشلسي, فوجود ماكيليلي المميز بدوره الدفاعي يعطي راحة كبيرة للنجم الانجليزي في التحرك نحو الامام، وهو امر يفتقده بوجود نجم ليفربول ستيفن جيرارد الذي يميل للعب الهجومي ايضا، وعن ذلك يقول لامبارد: "كيفية اللعب تعود للمدرب الفني، أشعر بالراحة عندما ألعب بجوار ستيفن، لكنني أفضل اللعب مع لاعب وسط يقوم بأدوار دفاعية اكبر".

واختير لامبارد أفضل لاعب محلي لعام 2005 حسب اختيار الجمهور، وتقدم في الاستطلاع الذي نظمه الاتحاد الانجليزي للعبة بنسبة 29 بالمائة من الاصوات على قائد ليفربول ستيفن جيرارد الذي حصل على 18 بالمائة من الاصوات، مقابل 16 بالمائة لمهاجم مانشستر يونايتد وين روني, كما جاء اللاعب الانجليزي ثانيا وراء رونالدينيو في جائزة الكرة الذهبية المقدمة لأفضل لاعب في أوروبا لنفس العام.

وينال لامبارد الاشادة أينما ذهب، فهو من اللاعبين المفضلين لدى النجم البرازيلي رونالدينيو، كما أن كارلوس البرتو قائد المنتخب البرازيلي في كأس العالم 1970 ومدرب منتخب اذربيجان سابقا قال عنه بعد مباراة فريقه مع انجلترا في تصفيات كأس العالم الحالية: "انه أفضل لاعب وسط في العالم!".

وعاش لامبارد في كانون الاول/ديسمبر عام 2005 أجمل لحظة في مشواره الكروي حتى يومنا هذا، وذلك عندما جاء في المركز الثاني بمسابقة افضل لاعب في العالم التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم سنويا، وفي ذلك اليوم قال نجم تشلسي بكل تواضع: انا فخور بوجودي هنا.. لقد كان هدفي دائما ان اكون في القمة، عندما كنت في السابعة عشرة من عمري تعرضت لانتقاد شديد لأن زوج عمتي "هاري ريدناب" كان المدرب وأبي "فرانك لامبارد الأب" كان مساعده في فريق وست هام، هذا الأمر جعلني شخصا أقوى، لقد تطلب مني عشرة أعوام للرد على تلك الانتقادات من خلال التدريب الشاق واللعب الجاد".

وطرد "دينامو" تشلسي مرة واحدة طوال مسيرته في الملاعب كمحترف امام توتنهام في ايلول/سبتمبر عام 2001، لكنه يتهم في بعض الاحيان باللعب الخشن، وهو تسبب في موسم 2004/2005 بكسر قدم الاسباني تشابي ألونسو في مباراة تشلسي وليفربول في الدوري، لكنه سرعان ما قدم اعتذاره بلباقة.

ويدين لامبارد الكثير لزوج عمته ريدناب، فقد تحمل الأخير الكثير واتهم بمحاباة قريبه الصغير واشراكه في مباريات وست هام على حساب الكثير من اللاعبين ويقول لامبارد: "أنا متأكد أن هاري تعرض لانتقادات كثيرة مقابل اشراكي في التشكيلة الاساسية، لكنه صمم على اختياري ووضع ثقته بقدراتي، أحترمه كثيرا وأشكره دائما على ذلك".

ولا ينسى لامبارد فضل المدربين الاخرين عليه ويقول: "لقد كان كلاوديو رانييري صاحب الكلمة الاخيرة في قدومي الى تشلسي، لقد قابلته يوم انتقالي حيث قال لي إنه واثق من امكانياتي، وبعد ذلك عمل على تطوير أدائي طوال السنوات الثلاث التي لعبت بها تحت اشرافه".

اما مورينيو فقد تمنى نجم تشلسي ان يلعب تحت قيادته لسنوات عدة وأضاف: "لا يكفي الحديث عن هذا الرجل، لديه ثقة غير محدودة بنفسه، وهو يعمل على نشر هذه الثقة في نفوس أعضاء الفريق".

واخيرا فان هذا اللاعب البالغ من العمر 28 عاما شديدا الاعجاب بالروسي رومان ابراموفيتش مالك نادي تشلسي وقال عندما تسلم جائزة أفضل لاعب في الدوري الانجليزي في موسم 2004/2005: أريد ان أشكر رومان ابراموفيتش، أعلم ما يدور بذهنكم "اشكرك على عقدي الجديد وأتمنى الحصول على واحد اخر بعد خمسة اعوام"، يجب على الجميع أن يفهم حقيقة رومان، إنه يأتي الى غرفة تغيير الملابس بعد كل مباراة سواء ربحنا او خسرنا.. يقوم بالافصاح عن ما في ذهنه كأي مشجع عادي لتشلسي، إنه محب لكرة القدم ويريد أن يجعل من هذا النادي قوة كبيرة في أوروبا وهو ما يحصل الآن، إن ذلك يؤثر فينا كلاعبين ويجب أن نشكره على ذلك".

والآن وبعد التغييرات الجذرية التي أحدثها أبراموفيتش في تشلسي في محاولة منه لإكساب النادي صبغة "صهيونية" بعد تعيين أفرام غرانت مكان مورينيو وشراء اللاعب تال بن حاييم إضافة إلى "سحر".. لاعب "صهبوني" آخر حصل تشلسي على حقوق شرائه.. فإن لامبارد غير رأيه إلى حد كبير، وتسبب ذلك في خلاف حاد مع صديقه وقائد الفريق جون تيري الذي أعلن ولاءه لتشلسي مهما حدث من متغيرات، الأمر لا يتعلق بالسياسة.. إنه يتعلق بالجانب الرياضي.. فكيف للاعب كبير مثل لامبارد أن يرتاح بوجود مالك مزاجي في قرارته ومدرب لم يحصل على شهادة تدريب في "بلاده"، وهو أمر عادي بالنسبة لنا نحن لأن "بلاده" لا تحصل على اعترافنا بكل الأحوال.

وما عزز امكانية انتقال لامبارد إلى ناد آخر هو تفكير تشلسي في الحصول على خدمات اللاعب الهولندي رفاييل فان در فارت نجم وسط هامبورغ خاصة بعد انضمام المدرب الهولندي تن كات للجهاز الفني، لكننا لن نستعجل في الحكم على قرار اللاعب الانجليزي، فقد يعلن هو الآخر ولاءه للفريق الذي رأى الشهرة من خلاله، فقط دعونا ننتظر ما سيحدث.